مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
خطاب الزعيم في خونين [31
 
 
 
الزوبعة، بوينُس آيرس، العدد 61، 15/6/1943
 

«متى انتصرت الـحركة السورية القومية الاجتماعية فسيُدعى الـمغتربون إلى وطنهم ليحيوا فيه مكرّمين معززين متمتعين بخيراته الكثيرة وإقليمه الـجميل. وإني أؤكد لكم أنّ الذين لم يصيبوا نـجاحاً في الـمغترب ولا يـمكنهم دفع أجرة سفرهم سيعودون إلى وطنهم في بواخر سورية يخفق عليها علم سورية وبعناية بحارة سوريين يحسنون معاملتهم ويحفظون كرامتهم.»


(ذكرنا في وصف رحلة الزعيم إلى خونين وكوردبة أنّ الزعيم ألقى خطاباً في الـمدينة الأولى في اجتماع القوميين الاجتماعيين العام. وإننا نحاول هنا أن نعيد إعطاء بعض فقراته وتركيب أهم معانيه.
إفتتح الزعيم خطابه مثنياً على الروحية الـجيدة التي تـحققها في رفقاء خونين وعلى حميتهم. وصوّر أهمية ذلك الاجتماع الصغير الكبير بقوة عقيدته، العظيم بعلو معنوياته، قال:)


«إنّ الأمـم الكبيرة لم تكن كبيرة في الأصل، بل كبرت باعتناقها الـمبادىء الصحيحة التي تفتح أمامها سبل التقدم والارتقاء والفلاح. إنّ أمـماً كبيرة كإنكلترة وألـمانية وفرنسة وغيرها لم تكن بهذا الكبر من قبل. ولم تبلغ إنكلترة أن تكون، مع إقليم وايلس، نحو أربعين مليوناً من النفوس إلا بعملها بالـمبادىء القومية الصحيحة التي مكّنتها من الصعود من درجة أمة صغيرة لا تزيد على ستة ملايين إلى مرتبة أمة عظيمة تبلغ نحو أربعين مليوناً عدا عن ملحقاتها ومستعمراتها.
«كما ارتفعت أمـم من درجة الصغر إلى مرتبة الكبر بتوخيها العقيدة الصالـحة لكيانها. كذلك هبطت أمـم من مرتبة الكبر إلى درك الصغر بعدولها عن عقائدها الصحيحة إلى عقائد غير صالـحة لكيانها وتقدمها.

«نحن، السوريين، كنا في الـماضي أمة كبيرة، عظيمة وبسطنا سلطاننا وسؤددنا على ثلاثة أرباع الـمنطقة التي كان لها شأن تاريخي في العالم الـمعروف، وكان لأساطيلنا البحرية من الصولة والقوة ما لأساطيل بريطانية وأميركانية اليوم، وما بلغنا ذلك السؤدد إلا بقوة مبادىء الـحياة التي تفوّقنا بها على غيرنا في معترك الـحياة والارتقاء. ثم تطرّق فساد النظرة إلى الـحياة إلى بعض أجهزتنا ومؤسساتنا، فلم نتمكن من الثبات ضد الـجماعات التي كانت في فوران نهضاتها. ثم سقطنا تـحت مطارق الفتوحـات البربريـة الـمتعـددة. فتفكـك نظامنا وعمّت فينا الفوضى وشاعت فينا الـمذاهب الفاسدة والنظرات الغريبة عن مصالـحنا فصرنا أمة صغيرة بعد أن كنا أمة كبيرة عظيمة.


«كانت سقطتنا عظيمة على قدر عظمة البناء الذي شيدناه واتساع السؤدد الذي أقمناه، حين كان البحر الـمتوسط كله تـحت سيطرة أساطيلنا وحين كانت أفريقية وشبه جزيرة إيبرية حيث إسبانية والبرتغال اليوم، مستعمرة لنا، وحين كانت آسية الصغرى من جملة أملاكنا.»
(واستطرد الزعيم، مبيناً إمكانية استعادة ذلك السؤدد وتلك العظمة، مبرهناً أنّ العظمة الـماضية هي حجة كافية لقابلية تفوّق شعبنا وسبقه. أما الـحجة القاطعة على إمكان تـحقيق أملنا بإنشاء عظمة وسؤدد جديدين فهي «في قيام نهضتنا القومية الاجتماعيـة على عقيـدة صحيحـة، عظيمـة، متينـة. ومنذ الآن يـمكننا أن نقول إننا قد أصبحنـا في عداد الأمـم العظيمة بـمبادئها، العظيمة بنهضاتها، العظيمة بالـمستقبل العظيم الذي يفتحه لها إيـمانها.»


ثـم أخـذ الـزعيـم يشـرح كيـف أنّ النهضـة القـوميـة الاجتمـاعية تأسست في اجتماعات أصغر كثيراً من الاجتماع الذي تكلم فيه في خونين، وقال إنّ أهمية هذه النهضة العظيمة كانت في قوة مبادئها وليس في عدد الذين حضروا اجتماعاتها الأولى).
«الأمـم بـمبادئها أولاً ثم بضخامتها (هكذا استطرد الزعيم) ولـما كانت مبادىء نهضتنا أصح الـمبادىء الصالـحة لـحياتنا وارتقائنا وأفضلها لبناء الـمجتمعات الصحيحة في العالم، فلنا إيـمان لا يتزعزع، بأننا سنغدو أمة عظيمة بضخامتها، كما أننا أمـة عظيمة بـمبادئها.»


(شدد الزعيم على السامعين أن لا يحتقروا الاجتماعات القليلة العدد، وأن يهتموا للأساس العقائدي الذي فيه سر النمو والقوة. «متى كانت العقيدة صحيحة، فالاجتماعات الصغيرة لا تلبث أن تصير اجتماعات كبيرة إذا صحت العزائم» وتطرق الزعيم إلى حضّ القوميين الاجتماعيين في الـمغترب على العمل الـمتواصل، موضحاً أنّ الـمغتربين يـمكنهم أن يقوموا بنصيب كبير من عمل إنهاض أمتهم وأنّ عمل الـمغتربين يـمكن أن يكون معنوياً وأن يكون مادياً. ثم أشار إلى بعض إمكانيات العمل الـمعنوي من حيث إفهام الشعوب الأميركية حقيقة نهضتنا ومزايا شعبنا وكيف هُضمت حقوقنا وكيف نطالب بها، ومن حيث إقناع جميع السوريين الـمغتربين، بوجوب درس النهضة القومية الاجتماعية وفهمها وتأييدها بالقول والـمناصرة الـمادية، لأن مبادئها هي الوحيدة الصالـحة لإنقاذ سورية وشق طريق الـحياة والتفوق أمامها. وقال الزعيم في هذا الصدد): «إنّ الـمغتربين هم جزء من الأمة السورية وقوة من قواها. فإذا اتـحدوا في الـحركة السورية القومية الاجتماعية أمكنهم أن يفعلوا أفعالاً باهرة.» (وعطف الزعيم على هذا القول مذكّراً أنّ هذه الإمكانيات السورية في الـمغترب هي التي جعلته يصمّم على زيارة الـمهاجر السورية بنفسه ليحمل الدعوة القومية الاجتماعية إلى الـمغتربين وليجعل لهم نصيباً في فخر العمل القومي الاجتماعي وفي إنهاض أمتهم.


أبدى الزعيم أسفه لـحالة عدد كبير من السوريين الـمغتربين السيئة الذين يقاسون شظف العيش، فضلاً عن مرارة فراق الوطن والأهل، وعما يتعرضون له في أوساط مغتربهم من سوء الفهم وظلم التحكم. فاغرورقت عيون بعض السامعين بالدموع، تـجاه هذه الـحقيقة القاسية التي أظهرها الزعيم وأعلن أنها ليست خافية عليه وأنه لا يغفلها، ثم قال:)
«متى انتصرت الـحركة السورية القومية الاجتماعية فسيدعى الـمغتربون إلى وطنهم ليحيوا فيه مكرّمين، معززين ، متمتعين بخيراته الكثيرة وإقليمه الـجميل. وإني أؤكد لكم أنّ الذين لم يصيبوا نـجاحاً في الـمغترب ولا يـمكنهم دفع أجرة سفرهم سيعودون إلى وطنهم في بواخر سورية يخفق عليها علم سورية وبعناية بحارة سوريين يحسنون معاملتهم ويحفظون كرامتهم.»


(تكلم الزعيم في الاجتماع الـمذكور نحو ساعة ونصف. وقوطع خطابه مرات كثيرة بالهتاف والتصفيق والدعاء بحياته.
وكأن التقادير شاءت أن يكون خطاب الزعيم في خونين جواب سورية السالف على خطاب رئيس الوزارة البريطانية السيد تشرشل، الذي ألقاه في لندن في الـحادي والعشرين من مارس/آذار الـماضي وحدّد فيه حقوق الأمـم «الصغيرة» في النمو ضمن العالم الـجديد، الذي في عُرفه، يجب أن ينتج عن الـحرب الـحاضرة، ويكون مرؤوساً من متحد أمـم بريطانية وروسية السوفييتية وأميركانية. فالزعيم ألقى خطابه في الـحادي والثلاثين من شهر يناير/كانون الثاني الـماضي، أي بـما يزيد على شهر وعشرين يوماً قبل خطاب تشرشل فكأن الزعيم رأى ما يخبئه الـمستقبل من النظريات الـخطرة على أسباب نـمو بعض الأمـم التي هي «صغيرة» الآن بحكم بعض حوادث التاريخ الـماضية وليس بحكم وضعها الطبيعي وقابليتها للنمو.


ويـمكن أن يُعدّ خطاب الزعيم جواباً أيضاً على مقالة أعدّها رئيس «معهد حقوق الشعوب» في برلين الدكتور هانس كلر، ووزعتها القيادة العليا الألـمانية في سنة 1941، على ما ورد في خبر «لأسوشياتد برس» صادر عن برلين في 6 سبتمبر/أيلول من السنة الـمذكورة. والنقطة الهامّة في هذا الصدد الواردة في مقالة العالِم الألـماني الـمذكور، التي يجيب عليها خطاب الزعيم هي قوله: «إنّ جوهر الدولة هو القوة (يعني القوة الفعلية في الـحال وليس القوة الكامنة التي يـمكن أن تظهر في الوقت الـموافق). فإما أن يكون للدولة قوة وإما أن لا يكون لها قوة. فإذا لم يكن لها قوة فإنها لتعزية قليلة أن يكون لها الـحق في أن يكون لها قوة.»
من هذه الـمقابلـة الـمختصـرة ندرك أهمية خطاب الزعيم في 31 يناير/كانون الثاني الـماضي الذي يحتل مركزه ليس فقط في الدفاع عن حق سورية، بل في تعيين موقف سورية القومية الاجتماعية في قضية من أهم القضايا العالـمية التي هي الآن على بساط البحث).

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro